الفلسطينيون لا يترقبون نتائج الانتخابات الإسرائيلية

الفلسطينيون لا يترقبون نتائج الانتخابات الإسرائيلية

  • الفلسطينيون لا يترقبون نتائج الانتخابات الإسرائيلية

اخرى قبل 5 سنة

الفلسطينيون لا يترقبون نتائج الانتخابات الإسرائيلية

عادة ما يترقب الفلسطينيون نتائج الانتخابات الإسرائيلية، آملين حدوث تغيير ما يعيد احياء الحل السياسي الذي توقف قلبه عن النبض منذ زمن، لكن هذه المرة لا يظهرون أي اهتمام بهذه الانتخابات، ولا يحملون أي توقعات.

وخلت الحملة الانتخابية الجارية في إسرائيل، مثل سابقتها، من أي ذكر للحل السياسي، وتمحور التنافس بين مختلف الكتل والأحزاب على أمور داخلية بحتة، ما جعل الفلسطينيين لا يبنون أي آمال أو توقعات على نتائجها.

وإن كان من ذكر للفلسطينيين في هذه الحملة الانتخابية، فانه يدور حول خطوات قادمة ضدهم، أكثر شدة وقسوة من الماضي، مثل تعهد رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو بضم منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت التي تشكل 28 في المئة من مساحة الضفة الغربية، والتنافس بين نتنياهو ومرشحين أكثر تطرفا مثل أفيغدور ليبرلمان على من سيشن الحرب التالية على قطاع غزة ويسقط حكم حركة “حماس”.

وعادة ما ينظر الفلسطينيون إلى التهديدات والتعهدات الانتخابية في إسرائيل على انها تهدف إلى كسب الأصوات، لكن السياق السياسي الجاري الذي خلقته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يجعلهم ينظرون بجدية إلى هذه التعهدات، وخاصة تعهد نتنياهو بضم غور الأردن وشمال البحر الميت وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات.

وتعد إدارة الرئيس ترامب للإعلان عن خطتها السياسية المسماة “صفقة القرن” مباشرة بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية. وجاء في إعلان نتنياهو ان خطة ترامب المقبلة ستسمح له بفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات الإسرائيلية في هذه المنطقة.

وقالت مصادر دبلوماسية غربية ان الخطة الأمريكية ستتضمن بقاء السيادة الإسرائيلية على القدس، وعلى الكتل الاستيطانية المنتشرة في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وعلى غور الأردن وشمال البحر الميت، وعدم عودة اللاجئين.

وأشارت المصادر إلى ان الخطة تتجنب ذكر الدولة الفلسطينية، وترمي في النهاية إلى اقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في التجمعات السكانية الفلسطينية الحالية التي تشكل حوالي 40 في المئة من مساحة الضفة الغربية، وتوسعيها قليلا لتصل إلى حوالي 50 في المئة.

ويرى كثير من الخبراء والمراقبين أن الغرض الرئيسي من وراء الخطة الأمريكية ليس الحل السياسي، لأنها ستقابل بالرفض من جانب الفلسطينيين وكثير من العرب، وانما توفير غطاء لإسرائيل لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية تحت ذريعة رفض الفلسطينيين للخطة الأمريكية والحل السياسي.

وتشكل منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت، ومساحتها 2400 كيلومتر مربع، منطقة استراتيجية لا يمكن من دونها قيام دولة فلسطينية مستقبلية ومتواصلة. فهذه المنطقة الزراعية الواسعة تعد سلة غذاء الفلسطينيين لأنها المنطقة الرئيسية لإنتاج الخضروات التي تعد مصدر الحياة للفلسطينيين نظرا لأنها منتجة محليا وأسعارها في متناول الفقراء الذين يشكلون غالبية السكان.

وحسب مختلف الدراسات الفلسطينية فان منطقة غور الأردن شبه الخالية من السكان هي منطقة التوسع المستقبلي في فلسطين خاصة في حال عودة أعداد من اللاجئين. وأعدت السلطة الفلسطينية خططا لإنشاء مدن جديدة في الأغوار تتسع لعودة أعداد كبيرة نسبيا من اللاجئين أو لنقل جزء من سكان قطاع غزة المكتظ.

وتتمتع منطقة الأغوار وشمال البحر الميت بأهمية اقتصادية وسياحية. فقربها من الحدود مع الأردن يجعلها منطقة مهمة للتصدير الخارجي حيث أن الأردن هو الدولة الوحيدة التي تحد الضفة الغربية وشريان الحياة لها مع العالم الخارجي.

ووضعت السلطة الفلسطينية العديد من الخطط لإقامة مناطق صناعية خاصة لتصنيع المنتجات الزراعية المعدة للتصدير الخارجي في هذه المنطقة.

وأعد صندوق الاستثمار الفلسطيني خططا لإقامة مشاريع سياحية على البحر الميت من منتجعات ومعامل لاستغلال المصادر الطبيعية في البحر مثل الأملاح والتربة وغيرها.

والأغوار أيضا مصدر المياه الرئيسي للضفة الغربية حيث تضم الحوض المائي الشرقي الذي تسيطر عليه إسرائيل وتزود الضفة الغربية بجزء من مياهه وتنقل الجزء الأكبر إلى التجمعات السكانية الإسرائيلية.

ولم تخف إسرائيل تطلعاتها لضم منطقة غور الأردن منذ سنوات الاحتلال الأولى، حيث أقامت فيها المستوطنات ومعسكرات الجيش وخصصت أجزاء واسعة منها للتدريب العسكري.

وفرضت إسرائيل طوال العقود الماضية قيودا شديدة على البناء الفلسطيني في هذه المنطقة ووضعت محفزات كبيرة للمستوطنين للسكن فيها، واقامة المشاريع الزراعية.

وقال نضال فقهاء أحد سكان بلدة كردلة في الغور الشمالي، والذي يدير مؤسسة سياسية “تحالف السلام الفلسطيني” إن عدد التجمعات السكانية الفلسطينية في منطقة الأغوار هي سبعة يقطنها 11 ألف مواطن، ولا تسمح السلطات الإسرائيلية بزيادتها.

وأضاف: “واضح أن السياسة الإسرائيلية في هذه المنطقة كانت تمهد لخطوة نتنياهو القادمة وهي الضم” مشيرا إلى قيام السلطات بهدم المباني والمنشآت الفلسطينية في هذه المنطقة وتشجيع قيام التجمعات الاستيطانية اليهودية.

وقال: “منذ عام 67 لم تسمح إسرائيل بإقامة أي تجمع فلسطيني، في حين أقامت الكثير من التجمعات الإسرائيلية، وسيطرت على الأرض، ومنحتها للمستوطنين، وسيطرت على مصادر المياه”.

وأقامت إسرائيل 26 مستوطنة زراعية في الأغوار تنتج أكثر من 600 مليون دولار من المنتجات الزراعية.

كما أغلقت مساحات واسعة بأوامر عسكرية وخصصتها لإقامة القواعد والتدريبات العسكرية من مدفعية ثقيلة وطيران ومشاة.

وغالبا ما ادعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أن السبب الرئيسي لتمسكها بغور الأردن هو عسكري استراتيجي. لكن المسؤولين الفلسطينيين يعتبرون ذلك استعمارا اقتصاديا مشيرين إلى الحجم الكبير من الإنتاج الزراعي الذي تجنيه من هذه المنطقة.

وقال الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية إن العديد من قادة الجيش الإسرائيلي يتوجهون للاستيطان في الأغوار بعد تقاعدهم من الجيش، مشيرا إلى انهم يستفيدون من الحوافز المالية الكبيرة التي توفرها الحكومة للمستوطنين والمشاريع الزراعية التي يقيمونها في هذه المنطقة.

ويرى عريقات أن قادة الجيش غالبا ما يقدمون توصيات للحكومة للتمسك بهذه المنطقة مدعين ان لها أهمية عسكرية معتبرا أن أطماعهم الشخصية تقف وراء مثل هذه التوصيات.

ويتوقع كثير من الفلسطينيين ان يقدم نتنياهو على خطوات أحادية الجانب بعد الانتخابات مثل ضم الأغوار وفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات مستخدما ما تسمى خطة السلام الأمريكية غطاء لذلك.

وقالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي: “بالرغم من أن هذه التصريحات انتخابية وتستخدم الأرض والحق والحياة الفلسطينية كذخيرة لتغذية الدعاية الانتخابية الإسرائيلية؛ إلا أنها تؤكد نوايا نتنياهو وتدلل على سياسته الحقيقية”.

وأضافت: “ان البيان الذي ألقاه نتنياهو (بشأن ضم غور الأردن وشمال البحر الميت) خطير ولا مسؤول ويعكس نهجه الاحلالي القائم على محاولة محو الرواية والوجود الفلسطيني وسرقة أرض ومقدرات شعبنا”. وأضافت: “وما يزيد من خطورته هو التنسيق والدعم اللامتناهي من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شريك نتنياهو وحكومة المستوطنين في هذه الجرائم المدروسة والمتعمدة”.

ويتوقع المراقبون استمرار هيمنة اليمين الإسرائيلي على الحكم، مهما كانت نتائج الانتخابات.

وقال الدكتور سعيد زيداني استاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، إن الحكومة الإسرائيلية القادمة، بعد الانتخابات، ستكون واحدة من ثلاث:

– حكومة أحزاب يمين ويمين متطرف (دينيا وقوميا) برئاسة نتنياهو.

– حكومة وحدة وطنية برئاسة زعيم كتلة “أزرق أبيض” بيني غانتس أو أحد قادة الليكود غير نتنياهو، والشركاء الآخرين.

-. حكومة وحدة وطنية بالتناوب بين الليكود، بدون نتنياهو، مع كتلة “أزرق أبيض” والشركاء الآخرين.

وفي مختلف هذه السيناريوهات، فان الحل السياسي لن يكون على أجندة الحكومة الإسرائيلية المقبلة.

ويرى الكثير من المراقبين ان الحكومة الجديدة، سواء كانت بقيادة نتنياهو أو غانتس، ستقوم بخطوات أحادية الجانب بهدف تعزيز الاستيطان، واستمرار السيطرة على أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية، ومواصلة تهويد القدس، وحصار قطاع غزة أو شن الحرب عليه.

والسؤال المركزي الذي يدور بين الفلسطينيين في هذه المرحلة هو: ماذا نحن فاعلون لمواجهة إجراءات الحكومة الإسرائيلية القادمة؟

ويرى البعض ان على الفلسطينيين بناء كتلة عربية مانعة لمواجهة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المسماة صفقة القرن.

ويرى آخرون ان المهمة الأكثر الحاحا أمام الفلسطينيين لمواجهة صفقة القرن وإجراءات الضم والتهويد هي المصالحة وانهاء الانقسام، وقيادة نضال وطني على الأرض وفي المؤسسات الدولية.

أما التوقعات فإنها ليست متفائلة كثيرا، حيث يسود الاعتقاد بان العرب ليسوا في وضع القادر على مواجهة الخطة الأمريكية والإجراءات الإسرائيلية، وان الانقسام الفلسطيني تجذر إلى الحد الذي باتت معه المصالحة الوطنية ضربا من ضروب الخيال.

 

التعليقات على خبر: الفلسطينيون لا يترقبون نتائج الانتخابات الإسرائيلية

حمل التطبيق الأن